كتبهاعفاف عبد الوهاب صديق ، في 5 نوفمبر 2009 الساعة: 15:50 م
ومن جديد عادتْ تداعبني، عادتْ تبهرني برعشة
جناحيها، وتجذبني بروعة ألوانها، وهي تطير وتهبط في الأجواء، تبحث عن زهرتها، حتى
اختفتْ عن عيني ولم أرَها، ناديتُ: فراشتي، أين
أنتِ؟
قالت: إني أمامك، دقِّقي النظر، الآن أنا
على زهرة الإخلاص، التي تشابه بيني وبينها خصال اللون، ورقَّة التكوين، انتظريني،
إنها الآن توصيني أن أحمل برفقٍ حبوبَ لقاحها؛ فلا تشغليني، حتى ارتفعتْ عنها، ثم
طارتْ بعيدًا وتركتْني.
جلست أتحير، أغبط هذه الرقة التي بينهما، وقلتُ:
سبحان الذي أعطى كلَّ شيء خلْقَه ثم هدى! سبحان ربي! إنهما في عملٍ دائم، وكلاهما
قد عَلِما صلاتَه وتسبيحه، ومكثتُ ألملم حبات عقدي بيدي، وقلبي يَنعَى ندرةَ
الحنان، ورقة الإنسان، حتى عادتْ فراشتي وسألتُها: أين وضعتِ لقاح الإخلاص، يا من أظنك بالعهد
وفَّيتِ؟
قالت: مررتُ أبحث عن قلوب المتَّقين،
فوجدتُ قلوبًا تغتسل من الخطايا، وكلما أخطأتْ ندمتْ وتحسرتْ، ثم عادتْ لنهر العفو
واغتسلتْ، وقلوبًا مريضة وقاسية، فرِحة بما يفتنها الشيطانُ به، وتسعد وتتراقص
بالشِّقاق والفراق، ولا تستريح إلا بالنزاع، ثم تعود من جديد أكثرَ قسوةً، تتلقى
المزيد من غَوايته وغيِّه، وجدتُ قلوبًا ورعة خافضةً أبصارَها تبكي من خشية الله
ربِّها، وتقشعر ثم تَلِينُ إلى ذِكره، وتركتُهم جميعًا على حالهم، وهأنذا سأعود
لأختفي؛ كي تبحثي عني من جديد، فاستعدِّي.
لكن في هذه
المرة رأيتُها من دون عناء؛ فلم تدرِ أنه قد علق بطرَف أرجلها مسحةٌ من ظلم
وغلٍّ، وضيقٍ وقنوط، تسبَّب في ظهور بؤرةٍ على زهرة الإخلاص، وفراشتي تظن أني ما
زلت لا أراها، وصرختُ فيها: مهلاً فراشتي مهلاً! لا تهيمي ولا تتمايلي؛ بل رجاءً لا
تتحرَّكي، أحرقتِ وريقة من زهرتي، وإذ بالفراشة ترتعش ألمًا، ولاحظت أثر القلوب
الخربة، ورأيتها على استحياء تبكي.
قلتُ: لا عتاب عليك يا من على القلوب
جميعًا بإخلاص ألقيتِ ورميت، وناجيتِ ربَّ القلوب وتمنيت، فلم تُؤثِري قلبًا على
قلب، وبرقَّةٍ أيقنتِ ودعوت، أنتِ التي أخلصت لله
ورجوت.
وحين ذلك
سقطتْ حباتُ المطر؛ فلم تختبئ ولم تَشْتَكِ سقيعًا، وتمسح دموعها مهللة،
تتأمل ظمأ الزهور وهي ترتوي قَطْر الإخلاص الغزير بخشوع وحمد، حتى سكت المطر،
وأخذهم النوم، وتنفَّس صبح جديد، وأيقظ شروقُ الشمس الخلائقَ، وعاد الكل من جديد
حيًّا، وفي عمله الدؤوب مسبحًا وسعيدًا.
وما زلت
ألملم حبات عقدي وقلبي يردِّد: يا رب أنت
الصمد، أنت القدوس، وأنت على كل شيء شهيد.
أرق
تحيات
الكاتبة
عفاف عبد
الوهاب صديق
ومن جديد عادتْ تداعبني، عادتْ تبهرني برعشة
جناحيها، وتجذبني بروعة ألوانها، وهي تطير وتهبط في الأجواء، تبحث عن زهرتها، حتى
اختفتْ عن عيني ولم أرَها، ناديتُ: فراشتي، أين
أنتِ؟
قالت: إني أمامك، دقِّقي النظر، الآن أنا
على زهرة الإخلاص، التي تشابه بيني وبينها خصال اللون، ورقَّة التكوين، انتظريني،
إنها الآن توصيني أن أحمل برفقٍ حبوبَ لقاحها؛ فلا تشغليني، حتى ارتفعتْ عنها، ثم
طارتْ بعيدًا وتركتْني.
جلست أتحير، أغبط هذه الرقة التي بينهما، وقلتُ:
سبحان الذي أعطى كلَّ شيء خلْقَه ثم هدى! سبحان ربي! إنهما في عملٍ دائم، وكلاهما
قد عَلِما صلاتَه وتسبيحه، ومكثتُ ألملم حبات عقدي بيدي، وقلبي يَنعَى ندرةَ
الحنان، ورقة الإنسان، حتى عادتْ فراشتي وسألتُها: أين وضعتِ لقاح الإخلاص، يا من أظنك بالعهد
وفَّيتِ؟
قالت: مررتُ أبحث عن قلوب المتَّقين،
فوجدتُ قلوبًا تغتسل من الخطايا، وكلما أخطأتْ ندمتْ وتحسرتْ، ثم عادتْ لنهر العفو
واغتسلتْ، وقلوبًا مريضة وقاسية، فرِحة بما يفتنها الشيطانُ به، وتسعد وتتراقص
بالشِّقاق والفراق، ولا تستريح إلا بالنزاع، ثم تعود من جديد أكثرَ قسوةً، تتلقى
المزيد من غَوايته وغيِّه، وجدتُ قلوبًا ورعة خافضةً أبصارَها تبكي من خشية الله
ربِّها، وتقشعر ثم تَلِينُ إلى ذِكره، وتركتُهم جميعًا على حالهم، وهأنذا سأعود
لأختفي؛ كي تبحثي عني من جديد، فاستعدِّي.
لكن في هذه
المرة رأيتُها من دون عناء؛ فلم تدرِ أنه قد علق بطرَف أرجلها مسحةٌ من ظلم
وغلٍّ، وضيقٍ وقنوط، تسبَّب في ظهور بؤرةٍ على زهرة الإخلاص، وفراشتي تظن أني ما
زلت لا أراها، وصرختُ فيها: مهلاً فراشتي مهلاً! لا تهيمي ولا تتمايلي؛ بل رجاءً لا
تتحرَّكي، أحرقتِ وريقة من زهرتي، وإذ بالفراشة ترتعش ألمًا، ولاحظت أثر القلوب
الخربة، ورأيتها على استحياء تبكي.
قلتُ: لا عتاب عليك يا من على القلوب
جميعًا بإخلاص ألقيتِ ورميت، وناجيتِ ربَّ القلوب وتمنيت، فلم تُؤثِري قلبًا على
قلب، وبرقَّةٍ أيقنتِ ودعوت، أنتِ التي أخلصت لله
ورجوت.
وحين ذلك
سقطتْ حباتُ المطر؛ فلم تختبئ ولم تَشْتَكِ سقيعًا، وتمسح دموعها مهللة،
تتأمل ظمأ الزهور وهي ترتوي قَطْر الإخلاص الغزير بخشوع وحمد، حتى سكت المطر،
وأخذهم النوم، وتنفَّس صبح جديد، وأيقظ شروقُ الشمس الخلائقَ، وعاد الكل من جديد
حيًّا، وفي عمله الدؤوب مسبحًا وسعيدًا.
وما زلت
ألملم حبات عقدي وقلبي يردِّد: يا رب أنت
الصمد، أنت القدوس، وأنت على كل شيء شهيد.
أرق
تحيات
الكاتبة
عفاف عبد
الوهاب صديق
السبت فبراير 06, 2021 1:39 pm من طرف محمود العياط
» ديوان حصان فى مرماح
الأحد يونيو 24, 2018 2:08 pm من طرف محمود العياط
» ديوان راشيا الوادي محمود العياط
الخميس مايو 11, 2017 1:38 pm من طرف محمود العياط
» ديوان لسن لفـأ رقم 29
الخميس فبراير 02, 2017 7:49 am من طرف محمود العياط
» قصيدة مسقط العامرة تضج بالضياء
السبت يوليو 23, 2016 12:59 pm من طرف محمود العياط
» ايجار سيارات استرتش * ليموزين * للزفاف العرائس
الإثنين مارس 23, 2015 6:21 am من طرف رضوى رودى
» • ايجار ليموزين مصر شركة العلا للسياحة .
الإثنين ديسمبر 08, 2014 1:50 am من طرف رضوى رودى
» • أرقام شركات ومكاتب ايجارسيارات بمصر 01008383000
الأربعاء ديسمبر 03, 2014 8:03 am من طرف رضوى رودى
» • مع العلا ليموزين تأجر جميع السيارات بأحدث المودي
الخميس نوفمبر 13, 2014 7:08 am من طرف رضوى رودى